الاثنين، 20 يونيو 2011

أنا الهانم يا رويعى الغنم

لا ادرى لماذا تذكرت مؤخرا عبارة مشهد الختام لأبي جهل اعتى عتاة المشركين في مكة الذى لقى مصرعه فى غزوة بدرعلى يد شابين حدثين لم يتجاوزا ستة عشر عاما هما معاذ ومعوذ أبناء عفراء، قبل ان يجهز عليه عبد الله بن مسعود الذى وجده طريحا وبه رمق فصعد على صدره وكان عظيم الجسد فما كان من ابى جهل الا ان قال قولته الشهيرة التى تدل على كبره وصلفه الذى لا حدود له "لقد ارتقيت مرتقا صعبا يا رويعى الغنم". تذكرت هذا الموقف عندما قالت السيدة سوزان ثابت حرم الرئيس المخلوع حسنى مبارك "أنا الهانم ومش هروح السجن" تعليقا على التحقيقات التى جرت معها فيما نسب اليها من تضخم ثروتها واستيلائها على المال العام.
المشترك بين الموقفين مع الاختلاف الكلى بين الشخصيتين هو ليس فقط فى رفض الواقع بل الاستعلاء عليه ايضا. ولكن اخطر ما يعكسه موقف السيدة سوزان هو رفض فكرة المحاسبة التى تنتظرها والناتجة عن هذا النظرة الاستعلائية التى لا تزال تسيطر عليها بعتبارها "الهانم" ويسير في هذا المضمار فريق في الداخل والخارج يدفع دفعا في اتجاه استثناء الرئيس وحرمه وربما يرتفع السقف مع مرور الوقت ونجاح تسويق الفكرة الى شخصيات اخرى من اركان النظام السابق.
اعتقد ان اهم رسالة يمكن لهذه الثورة ان تتركها لحكام المستقبل واركان نظامهم وجنودهم انه لا احد يمكن ان يخرج عن دائرة المحاسبة ومن شأن هذه الرسالة ان تسهم لحد بعيد في تأسيس نظام يعمل وعينه على الشعب ومصالحه العليا فقط. وهنا يكمن التحدى الذى يواجه الثورة من الخارج والداخل. فهناك تيار دولى لا يريد الرئيس مبارك واسرته في السجن ولعل ما تسرب عن لقاءات الحزب الحاكم في فرنسا مع شباب الثورة واستعداده لتقديم شتى صور الدعم لهؤلاء الشباب شريطة حماية اسرائيل والاصطفاف ضد الاخوان وعلمانية الدولة المصرية ورفض محاكمة مبارك يدل على حجم التحديات الخارجية التى تعمل ضد الثورة. الحقيقة أننى لم استغرب المطلبات الثلاثة الاولى فهى مفهومة ومتوقعة ولكن توقفت طويلا امام المطلب الاخير احاول ان اجد له تفسيرا. وتوصلت في النهاية الى نفس الفكرة الاساس التى اتحدث عنها وهى ان من سيحاول محاسبة مبارك اليوم سيحرم غيره من ان يقدم للغرب واسرائيل ما قدمه مبارك من خدمات وكنوز استراتيجية لهم بالامس.
ان من يحاولون في الداخل فتح ابواب النجاة لأركان النظام القديم من المحاسبة لا يعلمون حجم المخاطر التى يصدرونها للمستقبل عندما يأتى مسئول او رئيس بل و زوجته ايضا لتعبث في مقدرات هذا الشعب ثم تفلت من المحاسبة لأنها الهانم ونحن رويعى الغنم.

ليست هناك تعليقات: