والحقيقة ان الرئيس مبارك ربما يستطيع ان يتمترس خلف الجيش ولكن ليس للأبد وربما يكون الغرب مترددا في التخلى التام والعلنى عن مبارك ولكن الغرب لا يريد ان يخسر مصر للأبد كما فعل مع ايران عندما ساندت الولايات المتحدة نظام شاه ايران ووقفت معه حتى غرقت سفينته تماما. ومن ثم فإن التحول في المواقف الغربية ربما سيشتد مع الوقت لأن هذه الدول لا تريد ان تفقد مصر بوصفها دولة محورية وذات اهمية استراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط.
قد يتصور البعض ان الرئيس ربما يلجأ عند نقطة ما في استخدام الجيش ضد شعبه ولكن هذا الأمر خطأ وغير عملى. صحيح ان قيادات الجيش تساند الرئيس مبارك ولكن هذا الامر غير مضمون على الإطلاق في المستويات الدنيا في الصفوف القوات المسلحة خاصة ان هذه الصفوف تعانى تقريبا مما يعانى منه المصريون لذلك فليس امام الجيش سوى البقاء في موقفه الحالى.
وامام الرئيس مبارك يقف الشعب المصرى في موقف تاريخى اخترق حاجز الخوف واسقط الرهبة من سطوة ارهاب الدولة. لقد اظهر الشعب المصرى عنادا واضحا لا يقل بل ربما يفوق عناد الرئيس الذي وقف يوم الجمعة 25 يناير امام قمة جبروت وسطوة نظام الرئيس مبارك المتمثل في امن الدولة وقوات مكافحة الشغب والأمن المركزي ومليشيات الداخلية ونجح الشعب ان يرسل واحدة من اكبر رسائله لمبارك وهو ان اكبر مؤسستين كان الرئيس مبارك يعمل على تقويتها طوال 30 عام وهما الداخلية والحزب الوطنى وعمل بالمقابل على اضعاف كافة المؤسسات الأخرى بما فيها الجيش نفسه والقضاء والأحزاب والنقابات وغيرها من منظمات المجتمع المدنى في مصر لصالحهما قد انهارا.
حاول الرئيس بعد ذلك ايام الأربعاء والخميس بعد المظاهرة المليونية ان يستغل عرضه بالرحيل في سبتمبر وانه يريد ان يدفن في وطنه والتى تشبه اعلان الرئيس الراحل عبد الناصر التنحى عن الرئاسة عام 1976 والتى اعقبها خروج مظاهرات تطالبه بالبقاء. أراد الرئيس مبارك استخدام هذا الخطاب ليقوم بمحاولته الثانية غير التقليديه لإجهاض ثورة الشعب بإستخدام ذات القوات الأمنية التى انسحبت يوم 25 بالإضافة الى بلطجية نواب الحزب الوطنى ورجال الأعمال وظن انها كافية لإنهاء الثورة. ولكن عناد الشعب وقف بكل صلابة امام هذه المحاولة ايضا في واحدة من احقر محاولات النظام للإرهاب شعبه وانهاء الثورة. وربما يوضح هذا اليوم قدرة شباب الثورة على العناد والتشبث بموقفهم الحالى.
ربما احبط البعض عندما انتهى يوم جمعة الرحيل ولم يرحل الرئيس- وهو ما كنت أتوقعه بالفعل ويتوقعه الكير من المراقبين- ولكن الحقيقة ان يوم الجمعة نجح ايضا ان يرسل رسالة اخرى من الشعب الى النظام وهو ان حملة الإرهاب التى شنها يومى الأربعاء والخميس رغم انها استمرت ايضا يوم الجمعة ومع ذلك فشلت في اخافة الشعب والمتعاطفين مع المتظاهرين.
يراهن مبارك على ان الشعب ستخور عزيمته ويرجعوا لبيوتهم ولكنه ينسى أن قلب الثورة شباب والشباب في الغالب يتسم بالعناد والقدرة على التجديد والإبتكار. وربما مع مرور الوقت تكتسب هذه الثورة زخما اكثر بعد ان يقتنع المزيد من الشعب امام اخطاء النظام المتلاحقة واصرار الرئيس على تحدى ارادة شعبه على ان رحيل الرئيس هو الأقرب للتصور وليس عودة شباب الثورة لبيوتهم. فهل ينتصر عناد الرئيس على عناد شعبه ويتغلب على رغبتهم فى رؤية رئيس جديد غير الذي حكمهم طوال الـ 30 عاما الماضية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق