بسم الله الرحمن الرحيم
هناك من لا يزال يتحدث الى اليوم حول تاريخ الرئيس مبارك وكرامة الرئيس وانا الحقيقة لست ضد ان تحترم كرامة كل انسان حتى ولو كان الرئيس مبارك الذي اهدر كرامة شعبه على مدى 30 عاما وحتى السيد حبيب العادلى الذي عمل على اذلال هذا الشعب واجهزته القمعية حتى اليوم فهو يستحق محاكمة عادلة ويستحق ان يقف ليس امام نيابة امن الدولة التى استخدمها ضد خصوم النظام ولكن امام نيابة عادية.
ولكن المدهش حقيقة ان ترى من لا يميز بين كرامة الشعب المصرى مقابل كرامة الرئيس فهؤلاء لا يرون ان عودة هذه الأمة التى خرجت لتطالب برحيل رئيسها هى حقيقة امتهان لكرامة الشعب وعدم اكتراث بمطالبه الحقيقية والمشروعة فى رؤية مصر جديدة بلا رئيس لا يزال يرى انه يحتكر الحقيقة وانه هو الاستقرار وبعده الفوضى.
وهناك ايضا من يختصر المشهد في الحاجة الى الحفاظ على الرئيس بالنظر الى تاريخية في خدمة البلاد. وهو امر شديد التسطيح بالنظر الى ان مطالب الشعب هو تنحية الرئيس وليس الغاء تاريخة فهذا حقه الشخصى الذي يمكن ان يحتفل به ومن يتضامن معه طويلا ولكن هذا لا يعنى ان تستمر مصر اسيرة تاريخ رئيس يعتبر وبحسب المراقبين هو الأكثر استفادة من حرب اكتوبر اكثر حتى من الرئيس السادات الذي قاد حرب اكتوبر.
احب هنا ان اقدم اربع شخصيات كانت على درجة كبيرة من الإسهام في تاريخ بلادها ولكنها عن نقطة معينة اما تركت الحكم بإرادة شعبية او برغبة شخصية رغم تاريخهم الحافل حيث ان شعوبهم نظرت لهم على انهم محطات في طريق الوطن وان الوطن لا يجب ان يتوقف ولو للحظة واحدة من اجل شخص مهما كانت هامته وقامته وليس في ذلك من باب نكران جميل ولكن من باب ان فكرة الوطن لا يمكن ان تختزل في افراد. واتذكر هنا ابو بكر الصديق رضى الله عنه الذي وقف يقول عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم "من كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت" وأنطلق الصحابة رضوان الله عليهم في اختيار خليفة المسلمين قبل دفن الرسول صلى الله عليه وسلم في واحدة من الصور الدالة التى ترسخ قيمة الفكرة لا الفرد مهما كانت قيمته.
هذا هو شارل ديجول الذي قاد بلاده للتحرر من الاحتلال الألمانى وهو بالمناسبة رجل عسكرى استطاع أن يكون جيشا بعد انهيار جيش بلاده واحتلالها على يد الألمان بعد نهاية الحرب وقاد حركة المقاومة ضد الألمان حتى حققت بلاده استقلالها. وكان ديجول يزاول الحكم في الحكومة المؤقتة بعقلية رئاسية، فلما بدأ التذمر في صفوف الشعب الفرنسي، أجرى ديجول استفتاء عاماً أسفر عن إيثار الشعب لحكم نيابي، فاستقال من منصبه سنة 1946 واعتزل السياسة.
اما وينستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا فقد قاد ليس فقط بريطانيا بل الغرب كله لنصر ضد النازية الألمانية. وشغل وينستون تشرشل منصب رئيس وزراء بريطانيا عام 1940واستمر فيه خلال الحرب العالمية الثانية وذلك بعد استقالة تشامبرلين. استطاع رفع معنويات شعبه أثناء الحرب حيث كانت خطاباته إلهاماً عظيماً إلى قوات الحلفاء. كان أول من أشار بعلامة النصر بواسطة الاصبعين السبابة والوسطي. ولكن "المسكين" بعد الحرب خسر الانتخابات سنة 1945 وأصبحَ زعيمَ المعارضةِ ثم عاد إلي منصب رئيس الوزراء ثانيةً في 1951 وأخيراً تَقَاعد في 1955.
ويقدم نيلسون منديلا المناضل الإفريقى الأشهر صورة نادرة لرجل قضى زهرة حياته في المعتقلات التي بدأت في فبراير 1962 اُعتقل مانديلا وحُكم عليه لمدة 5 سنوات بتهمة السفر غير القانوني، والتدبير للإضراب. وفي عام 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى فحكم عليه بالسجن مدى الحياة. خلال سنوات سجنه الثمانية والعشرين، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري. وفي 10 يونيو 1980 تم نشر رسالة استطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: "إتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري". في عام 1985 عُرض على مانديلا إطلاق السراح مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض العرض. وبقي في السجن حتى 11 فبراير 1990 . منديلا بعد ان وصل مقعد الرئاسة ورغم تاريخة الطويل الذي كان يمكن ان يجعله يجلس مرتاحا على كرسى الحكم حتى اخر نبض في قلبه على حد قول الرئيس مبارك فقد ترك الحكم طواعية ليفسح الطريق امام غيره ليقود وطنه لمستقبل افضل.
اما رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد الذي حول بلاده من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية إلى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعي الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الاجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من اجمالي الصادرات، وتنتج 80% من السيارات التي تسير في الشوارع الماليزية. كانت النتيجة الطبيعية لهذا التطور ان انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% من اجمالي السكان في عام 1970، أي أكثر من نصفهم، إلى 5% فقط في عام 2002، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 إلى 8862 دولارا في عام 2002، اي ان دخل المواطن زاد لاكثر من سبعة امثال ما كان عليه منذ ثلاثين عاما، وانخفضت نسبة البطالة إلى 3%. وقد قضى مهاتير محمد 22 عاما في رئاسة الوزراء ولكنه اقدم على الإستقالة من منصبه ليترك لبلاده لتنطلق تحت قيادة جديدة رغم انه لم يكن هناك تهديدا لرئاسته.
يمكن لبعض من يريدون استمرار مبارك في الحكم ان يتصوره اكبر من هؤلاء جميعا رغم حقنا عليهم ان يدرسوا تاريخه ونمط حكمه لمصر طوال 30 عاما ولكن عليهم ايضا ان يستدعوا انجاز مصر الحضارى على مدى اكثر من 7000 عام حتى يقارنوا بين تاريخ بلادهم وتاريخ رئيسهم الذي اخذ 30 فرصة قبل ان تنفجر البلد في وجهه يوم 25 يناير 2011.
الثلاثاء، 8 فبراير 2011
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق