الأربعاء، 20 أبريل 2011

البابا شنودة وملف الأخوان المسلمين

لا يمكن لمنصف يحب هذه البلد إلا ان يشجع اى نوع من انواع الحوار والتفاعل الإيجابي بين كل القوى الوطنية والدينية بهذا البلد. واحسب ان تضييع فرص التواصل ليس في صالح الوطن وقواه الوطنية في شيء ولا يشجع سوى استمرار مناخ الفرقة والتشرذم الذى عززته دولة مبارك البوليسية ويخدم بعض القوى المستعدة لاستغلال كل الظروف لخلق تصورات لا تجمع عليها إرادة هذا الشعب.
ومن ثم فقد استغربت من ردود الأفعال التى جاءت تجاه دعوة مرشد الإخوان المسلمين للحوار التى أعلنها في حديثه مع البابا شنودة عقب عودته من رحلة علاج بالخارج. فقد نفى البابا انه وافق على اجراء مثل هذا الحوار وما تلى ذلك من ردود وضعت شروطا مسبقة مثل قبول الإخوان بأن يكون رئيس الجمهورية قبطى او امرأة او استغراب البعض من ان يتم حوار مع فصيل بعينه مثل الإخوان او من جزم بأن طبيعة الحوار ستكون لاهوتية وغيرها من الردود التى انتهت بوقف حوار لم يبدأ احتجاجا على تصريحات منسوبة لأحد قيادات الإخوان حول الحدود بل ووصل الأمر الى دعوات لعدم دعوتهم في احتفالات الكنيسة بعيد القيامة في استنساخ للحالة المصرية في الفترة الأخيرة من عصر مبارك والذى توقفت فيه الكنيسة عن دعوة الأخوان للاحتفالات والتى كان يحضرها ابن مؤسس الجماعة احمد سيف الإسلام حسن البنا.
الحقيقة أن الكنيسة اتبعت مع الأخوان طريقة في التعامل اشبه بالطريقة التى تعامل بها مبارك معهم فبينما كان مبارك يعتبر الأخوان ملفا أمنيا فلا حوار معهم إلا من خلال مباحث أمن الدولة وبأسلوب الضغط والاعتقالات والمحاكمات فإن البابا اعتمد في السنوات الأخيرة في تعاملة مع ملف الإخوان المسلمين على انهم "خصم ديني" وكان هذا الأسلوب سببا في وقوف غالبية الأقباط ضد الأخوان. واستفاد النظام السابق من هذه الحالة بشكل أثر سلبيا حتى على الصورة العامة للأقباط في مصر بل واوصل البلاد الى حالة غير مسبوقة من الإحتقان الطائفى. وقد تجلى هذا الاستغلال للكنيسة من قبل النظام السابق من تحويل مواقف قوية عامة للكنيسة مثل موقفها من حج لأقباط للقدس الى مجرد جهة تحارب من اجل مطالب فئوية للأقباط بل وما هو أضيق من ذلك في صورة حرب حول اسلام زوجة قس او هروبها من بيت الزوجية. ورغم أن قرار الكنيسة بعدم اشتراك الأقباط في ثورة 25 يناير حرم الثورة من زخم قوى كان يمكن ان يشكل نقطة تحول من اول يوم واعطى فرصة للنظام بتصوير من في الميدان بأنهم اخوان مسلمين لولا المشاركات الفردية من بعض الأقباط تضامنا مع اخوانهم ورغم أن النظام قد زال بجبروته فإن ذلك لم يستدعى من الكنيسة مراجعة لتوجهاتها السياسية والتى تؤثر على قرارت الغالبية العظمى من الأقباط وتغير نظرتها للقوى الوطنية على الأرض بما يخدم هذا الوطن ويحمى حقوق الأقباط بل ظل البابا يتعامل مع ملف الإخوان على انهم "خصم دينى".
ولأنى فعلا ارى ان صالح هذا البلد في أن يقف ابناء هذا البلد صفا واحدا يدا في يد ومادام غالبية الأقباط الكنيسة ينظرون للكنيسة على أنها المعبر السياسي عنهم وهذا شأنهم لا اناقشهم فيه فإنى اعتقد ان البابا بحاجة الى ان يكون له مجموعة من المستشارين السياسيين يقدمون النصيحة للكنيسة قبل ان يقوم الأباء في الكنيسة بتوجية الأقباط نحو توجهات سياسية معينة وهو ما يستلزم على سبيل المثال ان يفتح المجال لهؤلاء المستشارين بفتح قنوات حوار مع كافة القوى الوطنية حول حقيقة توجهاتهم بل ومناقشتها والتفاوض معها للوصول الى ارضية مشتركة قبل ان تصدر الكنيسة قرارها بحيث لا يكون الخيار الوحيد للكنيسة هو ان تنظر اين يقف الإخوان ليكون ذلك كافيا للحكم بحكمة الوقف في الإتجاة المعاكس.

ليست هناك تعليقات: