لا ادرى لماذا تذكرت مؤخرا عبارة مشهد الختام لأبي جهل اعتى عتاة المشركين في مكة الذى لقى مصرعه فى غزوة بدرعلى يد شابين حدثين لم يتجاوزا ستة عشر عاما هما معاذ ومعوذ أبناء عفراء، قبل ان يجهز عليه عبد الله بن مسعود الذى وجده طريحا وبه رمق فصعد على صدره وكان عظيم الجسد فما كان من ابى جهل الا ان قال قولته الشهيرة التى تدل على كبره وصلفه الذى لا حدود له "لقد ارتقيت مرتقا صعبا يا رويعى الغنم". تذكرت هذا الموقف عندما قالت السيدة سوزان ثابت حرم الرئيس المخلوع حسنى مبارك "أنا الهانم ومش هروح السجن" تعليقا على التحقيقات التى جرت معها فيما نسب اليها من تضخم ثروتها واستيلائها على المال العام.
المشترك بين الموقفين مع الاختلاف الكلى بين الشخصيتين هو ليس فقط فى رفض الواقع بل الاستعلاء عليه ايضا. ولكن اخطر ما يعكسه موقف السيدة سوزان هو رفض فكرة المحاسبة التى تنتظرها والناتجة عن هذا النظرة الاستعلائية التى لا تزال تسيطر عليها بعتبارها "الهانم" ويسير في هذا المضمار فريق في الداخل والخارج يدفع دفعا في اتجاه استثناء الرئيس وحرمه وربما يرتفع السقف مع مرور الوقت ونجاح تسويق الفكرة الى شخصيات اخرى من اركان النظام السابق.
اعتقد ان اهم رسالة يمكن لهذه الثورة ان تتركها لحكام المستقبل واركان نظامهم وجنودهم انه لا احد يمكن ان يخرج عن دائرة المحاسبة ومن شأن هذه الرسالة ان تسهم لحد بعيد في تأسيس نظام يعمل وعينه على الشعب ومصالحه العليا فقط. وهنا يكمن التحدى الذى يواجه الثورة من الخارج والداخل. فهناك تيار دولى لا يريد الرئيس مبارك واسرته في السجن ولعل ما تسرب عن لقاءات الحزب الحاكم في فرنسا مع شباب الثورة واستعداده لتقديم شتى صور الدعم لهؤلاء الشباب شريطة حماية اسرائيل والاصطفاف ضد الاخوان وعلمانية الدولة المصرية ورفض محاكمة مبارك يدل على حجم التحديات الخارجية التى تعمل ضد الثورة. الحقيقة أننى لم استغرب المطلبات الثلاثة الاولى فهى مفهومة ومتوقعة ولكن توقفت طويلا امام المطلب الاخير احاول ان اجد له تفسيرا. وتوصلت في النهاية الى نفس الفكرة الاساس التى اتحدث عنها وهى ان من سيحاول محاسبة مبارك اليوم سيحرم غيره من ان يقدم للغرب واسرائيل ما قدمه مبارك من خدمات وكنوز استراتيجية لهم بالامس.
ان من يحاولون في الداخل فتح ابواب النجاة لأركان النظام القديم من المحاسبة لا يعلمون حجم المخاطر التى يصدرونها للمستقبل عندما يأتى مسئول او رئيس بل و زوجته ايضا لتعبث في مقدرات هذا الشعب ثم تفلت من المحاسبة لأنها الهانم ونحن رويعى الغنم.
الاثنين، 20 يونيو 2011
الخميس، 5 مايو 2011
نتياهو يعلن افلاس اسرائيل
الأربعاء، 4 مايو 2011
ألعاب الإنترنت الطريق الحريري لفشل الأبناء
نشرت المجلة العربية التى تصدر في المملكة العربية السعودية مقال جديد لى بعنوان :ألعاب الإنترنت الطريق الحريري لفشل الأبناء
المقال على رابط المجلة التالى
http://www.arabicmagazine.com/arabic/ArticleDetails.aspx?Id=1116
يسعدنى تلقى تعليقاتكم وملاحظاتكم على المقال
تحياتى
خالد بهاء الدين
المقال على رابط المجلة التالى
http://www.arabicmagazine.com/arabic/ArticleDetails.aspx?Id=1116
يسعدنى تلقى تعليقاتكم وملاحظاتكم على المقال
تحياتى
خالد بهاء الدين
الأربعاء، 20 أبريل 2011
البابا شنودة وملف الأخوان المسلمين
لا يمكن لمنصف يحب هذه البلد إلا ان يشجع اى نوع من انواع الحوار والتفاعل الإيجابي بين كل القوى الوطنية والدينية بهذا البلد. واحسب ان تضييع فرص التواصل ليس في صالح الوطن وقواه الوطنية في شيء ولا يشجع سوى استمرار مناخ الفرقة والتشرذم الذى عززته دولة مبارك البوليسية ويخدم بعض القوى المستعدة لاستغلال كل الظروف لخلق تصورات لا تجمع عليها إرادة هذا الشعب.
ومن ثم فقد استغربت من ردود الأفعال التى جاءت تجاه دعوة مرشد الإخوان المسلمين للحوار التى أعلنها في حديثه مع البابا شنودة عقب عودته من رحلة علاج بالخارج. فقد نفى البابا انه وافق على اجراء مثل هذا الحوار وما تلى ذلك من ردود وضعت شروطا مسبقة مثل قبول الإخوان بأن يكون رئيس الجمهورية قبطى او امرأة او استغراب البعض من ان يتم حوار مع فصيل بعينه مثل الإخوان او من جزم بأن طبيعة الحوار ستكون لاهوتية وغيرها من الردود التى انتهت بوقف حوار لم يبدأ احتجاجا على تصريحات منسوبة لأحد قيادات الإخوان حول الحدود بل ووصل الأمر الى دعوات لعدم دعوتهم في احتفالات الكنيسة بعيد القيامة في استنساخ للحالة المصرية في الفترة الأخيرة من عصر مبارك والذى توقفت فيه الكنيسة عن دعوة الأخوان للاحتفالات والتى كان يحضرها ابن مؤسس الجماعة احمد سيف الإسلام حسن البنا.
الحقيقة أن الكنيسة اتبعت مع الأخوان طريقة في التعامل اشبه بالطريقة التى تعامل بها مبارك معهم فبينما كان مبارك يعتبر الأخوان ملفا أمنيا فلا حوار معهم إلا من خلال مباحث أمن الدولة وبأسلوب الضغط والاعتقالات والمحاكمات فإن البابا اعتمد في السنوات الأخيرة في تعاملة مع ملف الإخوان المسلمين على انهم "خصم ديني" وكان هذا الأسلوب سببا في وقوف غالبية الأقباط ضد الأخوان. واستفاد النظام السابق من هذه الحالة بشكل أثر سلبيا حتى على الصورة العامة للأقباط في مصر بل واوصل البلاد الى حالة غير مسبوقة من الإحتقان الطائفى. وقد تجلى هذا الاستغلال للكنيسة من قبل النظام السابق من تحويل مواقف قوية عامة للكنيسة مثل موقفها من حج لأقباط للقدس الى مجرد جهة تحارب من اجل مطالب فئوية للأقباط بل وما هو أضيق من ذلك في صورة حرب حول اسلام زوجة قس او هروبها من بيت الزوجية. ورغم أن قرار الكنيسة بعدم اشتراك الأقباط في ثورة 25 يناير حرم الثورة من زخم قوى كان يمكن ان يشكل نقطة تحول من اول يوم واعطى فرصة للنظام بتصوير من في الميدان بأنهم اخوان مسلمين لولا المشاركات الفردية من بعض الأقباط تضامنا مع اخوانهم ورغم أن النظام قد زال بجبروته فإن ذلك لم يستدعى من الكنيسة مراجعة لتوجهاتها السياسية والتى تؤثر على قرارت الغالبية العظمى من الأقباط وتغير نظرتها للقوى الوطنية على الأرض بما يخدم هذا الوطن ويحمى حقوق الأقباط بل ظل البابا يتعامل مع ملف الإخوان على انهم "خصم دينى".
ولأنى فعلا ارى ان صالح هذا البلد في أن يقف ابناء هذا البلد صفا واحدا يدا في يد ومادام غالبية الأقباط الكنيسة ينظرون للكنيسة على أنها المعبر السياسي عنهم وهذا شأنهم لا اناقشهم فيه فإنى اعتقد ان البابا بحاجة الى ان يكون له مجموعة من المستشارين السياسيين يقدمون النصيحة للكنيسة قبل ان يقوم الأباء في الكنيسة بتوجية الأقباط نحو توجهات سياسية معينة وهو ما يستلزم على سبيل المثال ان يفتح المجال لهؤلاء المستشارين بفتح قنوات حوار مع كافة القوى الوطنية حول حقيقة توجهاتهم بل ومناقشتها والتفاوض معها للوصول الى ارضية مشتركة قبل ان تصدر الكنيسة قرارها بحيث لا يكون الخيار الوحيد للكنيسة هو ان تنظر اين يقف الإخوان ليكون ذلك كافيا للحكم بحكمة الوقف في الإتجاة المعاكس.
ومن ثم فقد استغربت من ردود الأفعال التى جاءت تجاه دعوة مرشد الإخوان المسلمين للحوار التى أعلنها في حديثه مع البابا شنودة عقب عودته من رحلة علاج بالخارج. فقد نفى البابا انه وافق على اجراء مثل هذا الحوار وما تلى ذلك من ردود وضعت شروطا مسبقة مثل قبول الإخوان بأن يكون رئيس الجمهورية قبطى او امرأة او استغراب البعض من ان يتم حوار مع فصيل بعينه مثل الإخوان او من جزم بأن طبيعة الحوار ستكون لاهوتية وغيرها من الردود التى انتهت بوقف حوار لم يبدأ احتجاجا على تصريحات منسوبة لأحد قيادات الإخوان حول الحدود بل ووصل الأمر الى دعوات لعدم دعوتهم في احتفالات الكنيسة بعيد القيامة في استنساخ للحالة المصرية في الفترة الأخيرة من عصر مبارك والذى توقفت فيه الكنيسة عن دعوة الأخوان للاحتفالات والتى كان يحضرها ابن مؤسس الجماعة احمد سيف الإسلام حسن البنا.
الحقيقة أن الكنيسة اتبعت مع الأخوان طريقة في التعامل اشبه بالطريقة التى تعامل بها مبارك معهم فبينما كان مبارك يعتبر الأخوان ملفا أمنيا فلا حوار معهم إلا من خلال مباحث أمن الدولة وبأسلوب الضغط والاعتقالات والمحاكمات فإن البابا اعتمد في السنوات الأخيرة في تعاملة مع ملف الإخوان المسلمين على انهم "خصم ديني" وكان هذا الأسلوب سببا في وقوف غالبية الأقباط ضد الأخوان. واستفاد النظام السابق من هذه الحالة بشكل أثر سلبيا حتى على الصورة العامة للأقباط في مصر بل واوصل البلاد الى حالة غير مسبوقة من الإحتقان الطائفى. وقد تجلى هذا الاستغلال للكنيسة من قبل النظام السابق من تحويل مواقف قوية عامة للكنيسة مثل موقفها من حج لأقباط للقدس الى مجرد جهة تحارب من اجل مطالب فئوية للأقباط بل وما هو أضيق من ذلك في صورة حرب حول اسلام زوجة قس او هروبها من بيت الزوجية. ورغم أن قرار الكنيسة بعدم اشتراك الأقباط في ثورة 25 يناير حرم الثورة من زخم قوى كان يمكن ان يشكل نقطة تحول من اول يوم واعطى فرصة للنظام بتصوير من في الميدان بأنهم اخوان مسلمين لولا المشاركات الفردية من بعض الأقباط تضامنا مع اخوانهم ورغم أن النظام قد زال بجبروته فإن ذلك لم يستدعى من الكنيسة مراجعة لتوجهاتها السياسية والتى تؤثر على قرارت الغالبية العظمى من الأقباط وتغير نظرتها للقوى الوطنية على الأرض بما يخدم هذا الوطن ويحمى حقوق الأقباط بل ظل البابا يتعامل مع ملف الإخوان على انهم "خصم دينى".
ولأنى فعلا ارى ان صالح هذا البلد في أن يقف ابناء هذا البلد صفا واحدا يدا في يد ومادام غالبية الأقباط الكنيسة ينظرون للكنيسة على أنها المعبر السياسي عنهم وهذا شأنهم لا اناقشهم فيه فإنى اعتقد ان البابا بحاجة الى ان يكون له مجموعة من المستشارين السياسيين يقدمون النصيحة للكنيسة قبل ان يقوم الأباء في الكنيسة بتوجية الأقباط نحو توجهات سياسية معينة وهو ما يستلزم على سبيل المثال ان يفتح المجال لهؤلاء المستشارين بفتح قنوات حوار مع كافة القوى الوطنية حول حقيقة توجهاتهم بل ومناقشتها والتفاوض معها للوصول الى ارضية مشتركة قبل ان تصدر الكنيسة قرارها بحيث لا يكون الخيار الوحيد للكنيسة هو ان تنظر اين يقف الإخوان ليكون ذلك كافيا للحكم بحكمة الوقف في الإتجاة المعاكس.
الثلاثاء، 29 مارس 2011
الناطحون في الصخر
دار في ذهنى سؤال ذهبت ابحث له عن إجابة. ايهما أشد جمودا الليبراليون والعلمانيون واليساريون ام الإسلاميون؟ إذ دائما ما يتردد عن القوى الإسلامية ليس في مصر وحدها ولكن في جميع انحاء العالم عامة والعالم العربى والإسلامى بأنها قوى رجعية مخاصمة للحياة ومقصية للآخر ولأصحاب الديانات والأفكار الأخرى وتدعو لحكم رجال الدين وصورة الحاكم الذي لا معقب لحكمه بوصفه ظل الله على الأرض. وطوال العقود الماضية ظل الإسلاميون في وضعية المتهم بل والمحكوم عليه بهذه النقيصة فأصبح من الطبيعى والتلقائى ان يكون مكانهم الطبيعى السجون والمعتقلات وعلى اقل تقدير العزل والاستبعاد السياسى.
وطوال هذه الفترة تمترس فيها الليبراليون والعلمانيون خلف كل او بعض اجهزة الدول ابتداء بالمؤسسات الرئاسية والعسكرية مرورا بالمؤسسات القضائية والشرطية انتهاء بسيطرة شبه كاملة على الإعلام كما حدث في الاتحاد السوفيتى القديم وتركيا قبل وصول حزب العدالة والتنمية وتونس وغيرها من الدول وبذلك تمتع العلمانيون والليبراليون واليساريون بأرضية اختلفت في درجة قوتها من بلد لأخر تسمح لها في تعقب التيارات الإسلامية المسماه كوديا "رجعية" ليل نهار.
وطوال السنوات التى تم فيها رفع شعار فصل الدين عن الدولة حتى وصل في بعض الأحيان ما يشبه فصل النور عن المسجد بالتعامل مع من يذهب الى المسجد باعتباره مشتبه فيه كما في الحالة التونسية او سبب كاف للعزل من الخدمة العسكرية كما في الحالة التركية لدرجة ان هناك كان من يتحايل من ضباط الجيش التركى بجمع الصلوات عندما يختلى بنفسه في نهاية النهار يتم ضبطه متلبسا بذلك عن طريق معرفة اتجاه شعر يديه ورجله بعد الوضوء. لا تعجب فهذا حدث بالفعل وربما يحدث للأن. طوال هذه السنوات انقسم الإسلاميون على الأرض او في غياهب السجون بين من احتكم إلى السلاح في وجه سلطات الحكم مما أدى الى إشاعة ما اصطلح على تسميته بالإرهاب وبين من ذهب يبحث فى ذخيرة الإسلام عن مواقف فقهية واحداث في السيرة النبوية وتطبيقات عملية من اصحاب واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم تعكس ردودا لكل تلك الإتهامات والأحكام سابقة التجهيز التى أشاعها اصحاب التيار العلمانى واليسارى والليبرالي.
وفي الوقت الذى اندحر فيه التيار الأول الذي لجأ للسلاح لحل مشكلة اقصاء الإسلام عمليا من الحياة ولم يجد له انصار حتى من المحسوبين على هذا التيار واشهرت في وجوههم مئات الفتاوى من علماء المسلمين كان التيار الأخر يجد فى ذخيرة الإسلام ما يمكن ان نسميه عقيدة ناصعة تربط الإسلام بالحياة دون ان يتسبب ذلك في اقصاء الأخر او اصحاب الديانات الأخرى او يشرع لمفهوم الدولة الدينية بالمفهوم المسيحى.
فظهر تيار اسلامى وسطى يتحدث ان الأمة هى مصدر السلطات يؤمن بالديموقراطية وتداول السلطة ومحاسبة الحاكم وحرية تكوين الأحزاب وحق الشعب في انتخاب وعزل حاكمه ولكن دون المساس بثوابت الدين- اى دين- على اعتبار ان من يفعل ذلك هو في الحقيقة ينطح رأسه في الصخر.
وظهرت رؤى فقهية واضحة حول حقوق المواطنين من اصحاب الأديان الأخرى تحفظ لهم حقوقهم في حرية الإعتقاد والعبادة وتطبيق شرائعهم فيما يخص احوالهم وعدم التعامل معهم بوصفهم ذميون مطالبون بدفع الجزية لأنهم في الحقيقة والواقع شركاء في الوطن يدافعون عن امنه وحدوده ويدفعون الضرائب.
والأخطر ان تطبيقات التيار الإسلامى ظلت تقاوم ظلم الحكام بالكلمة والمظاهرات والمشاركة في الإنتخابات بما يظهر بجلاء ان الحاكم في الإسلام ليس ظل الله في الأرض ولكنه مجرد اجير عند الأمة يخطئ ويصيب ويرد بل ويعزل عندما يفقد صلاحيته للحكم. ولم يتطلب ذلك بحثا طويلا في دين يقول نبيه صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله."
وبينما كان فيه الإخوان المسلمون والمفكرون الإسلاميون المعتدلون يقفون فى مواجهة النظام الفاسد في الإنتخابات والمظاهرات والمواقف الواضحة كانت الأغلبية الساحقة من التيار الليبرالى والعلمانى واليسارى إما فى خندق النظام تدافع عنه وتتماهى فيه على اعتبار ان البديل "رجعى دينى" راضية بما يرميه النظام من ادوات إعلامية ومناصب في وزارت التوجيه الجماهيرى (الثقافة والإعلام تحديد) و هياكل أحزاب كرتونية أو دخلت في معركة مع النظام والتيار الإسلامى على حد سواء.
لم يحاول اى من رموز التيار الليبرالى والعلمانى واليسارى اعادة قراءة الإسلام لعله يكون مختلفا عن بقية الأديان فيما يخص الحياة والحكم ولم يستطعوا التعامل مع شواهد لا حصر لها من ايات واحاديث ومواقف وسير تظهر ان الإسلام فعلا دين ودولة ولكن ليست بالمفهوم الغربى للدولة الدينية. لم يحاولوا اعادة انتاج نموذج ليبرالى او علمانى او يسارى له مرجعية اسلامية.
وفي المقابل فعلى الرغم من خلافى الشديد مع بعض رموز وافكار تيار الجهاد والجماعة الإسلامية والسلفيين إلا اننى وجدت بعد 25 يناير تحولات مذهلة في مواقف تلك التيارات التى كانت فيما سبق اشبه بالجبال الرواسى في نظرتهم للمظاهرات وحقوق الأقباط والأحزاب والعمل السياسى بل والدعوات لتطبيق الديموقراطية داخل تلك التيارات.
لقد اصبحت بعض التيارات الإسلامية مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا والإخوان المسلمين في مصر والنهضة في تونس وغيرهم مؤهلة تماما وفعلا لتقديم نموذج اسلامى رشيد لحكم دولة مدنية حديثة فى الوقت الذى لا تزال القوى الليبرالية والعلمانية واليسارية تناطح الصخر في محاولتها فصل الدين عن الدولة وإقامة محاكم تفتيش على الضمائر او بتقديم حجج واهية مثل عدم تلويث الدين بالسياسة كأنه مكتوب على السياسة ان تظل ملوثة وقبيحة او بحجة عدم ادخال الثابت في المتغير كأن الحكم وإدارة الدولة ثلاث او اربع ركعات مثل الصلاة.
إن اخشى ما اخشاه ان ينتهى تنظيم القاعدة من مراجعة نفسه ويتجه نحو التيار الوسطى الإسلامى قبل أن يتوقف الليبراليون والعلمانيون اليسار عن مناطحة الصخر و يدركوا ان بإستطاعتهم تقديم نماذج عربية واسلامية لليبرالية وعلمانية يمكن ان تتماشى مع دين مدنى بإمتياز اسمه الإسلام
وطوال هذه الفترة تمترس فيها الليبراليون والعلمانيون خلف كل او بعض اجهزة الدول ابتداء بالمؤسسات الرئاسية والعسكرية مرورا بالمؤسسات القضائية والشرطية انتهاء بسيطرة شبه كاملة على الإعلام كما حدث في الاتحاد السوفيتى القديم وتركيا قبل وصول حزب العدالة والتنمية وتونس وغيرها من الدول وبذلك تمتع العلمانيون والليبراليون واليساريون بأرضية اختلفت في درجة قوتها من بلد لأخر تسمح لها في تعقب التيارات الإسلامية المسماه كوديا "رجعية" ليل نهار.
وطوال السنوات التى تم فيها رفع شعار فصل الدين عن الدولة حتى وصل في بعض الأحيان ما يشبه فصل النور عن المسجد بالتعامل مع من يذهب الى المسجد باعتباره مشتبه فيه كما في الحالة التونسية او سبب كاف للعزل من الخدمة العسكرية كما في الحالة التركية لدرجة ان هناك كان من يتحايل من ضباط الجيش التركى بجمع الصلوات عندما يختلى بنفسه في نهاية النهار يتم ضبطه متلبسا بذلك عن طريق معرفة اتجاه شعر يديه ورجله بعد الوضوء. لا تعجب فهذا حدث بالفعل وربما يحدث للأن. طوال هذه السنوات انقسم الإسلاميون على الأرض او في غياهب السجون بين من احتكم إلى السلاح في وجه سلطات الحكم مما أدى الى إشاعة ما اصطلح على تسميته بالإرهاب وبين من ذهب يبحث فى ذخيرة الإسلام عن مواقف فقهية واحداث في السيرة النبوية وتطبيقات عملية من اصحاب واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم تعكس ردودا لكل تلك الإتهامات والأحكام سابقة التجهيز التى أشاعها اصحاب التيار العلمانى واليسارى والليبرالي.
وفي الوقت الذى اندحر فيه التيار الأول الذي لجأ للسلاح لحل مشكلة اقصاء الإسلام عمليا من الحياة ولم يجد له انصار حتى من المحسوبين على هذا التيار واشهرت في وجوههم مئات الفتاوى من علماء المسلمين كان التيار الأخر يجد فى ذخيرة الإسلام ما يمكن ان نسميه عقيدة ناصعة تربط الإسلام بالحياة دون ان يتسبب ذلك في اقصاء الأخر او اصحاب الديانات الأخرى او يشرع لمفهوم الدولة الدينية بالمفهوم المسيحى.
فظهر تيار اسلامى وسطى يتحدث ان الأمة هى مصدر السلطات يؤمن بالديموقراطية وتداول السلطة ومحاسبة الحاكم وحرية تكوين الأحزاب وحق الشعب في انتخاب وعزل حاكمه ولكن دون المساس بثوابت الدين- اى دين- على اعتبار ان من يفعل ذلك هو في الحقيقة ينطح رأسه في الصخر.
وظهرت رؤى فقهية واضحة حول حقوق المواطنين من اصحاب الأديان الأخرى تحفظ لهم حقوقهم في حرية الإعتقاد والعبادة وتطبيق شرائعهم فيما يخص احوالهم وعدم التعامل معهم بوصفهم ذميون مطالبون بدفع الجزية لأنهم في الحقيقة والواقع شركاء في الوطن يدافعون عن امنه وحدوده ويدفعون الضرائب.
والأخطر ان تطبيقات التيار الإسلامى ظلت تقاوم ظلم الحكام بالكلمة والمظاهرات والمشاركة في الإنتخابات بما يظهر بجلاء ان الحاكم في الإسلام ليس ظل الله في الأرض ولكنه مجرد اجير عند الأمة يخطئ ويصيب ويرد بل ويعزل عندما يفقد صلاحيته للحكم. ولم يتطلب ذلك بحثا طويلا في دين يقول نبيه صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله."
وبينما كان فيه الإخوان المسلمون والمفكرون الإسلاميون المعتدلون يقفون فى مواجهة النظام الفاسد في الإنتخابات والمظاهرات والمواقف الواضحة كانت الأغلبية الساحقة من التيار الليبرالى والعلمانى واليسارى إما فى خندق النظام تدافع عنه وتتماهى فيه على اعتبار ان البديل "رجعى دينى" راضية بما يرميه النظام من ادوات إعلامية ومناصب في وزارت التوجيه الجماهيرى (الثقافة والإعلام تحديد) و هياكل أحزاب كرتونية أو دخلت في معركة مع النظام والتيار الإسلامى على حد سواء.
لم يحاول اى من رموز التيار الليبرالى والعلمانى واليسارى اعادة قراءة الإسلام لعله يكون مختلفا عن بقية الأديان فيما يخص الحياة والحكم ولم يستطعوا التعامل مع شواهد لا حصر لها من ايات واحاديث ومواقف وسير تظهر ان الإسلام فعلا دين ودولة ولكن ليست بالمفهوم الغربى للدولة الدينية. لم يحاولوا اعادة انتاج نموذج ليبرالى او علمانى او يسارى له مرجعية اسلامية.
وفي المقابل فعلى الرغم من خلافى الشديد مع بعض رموز وافكار تيار الجهاد والجماعة الإسلامية والسلفيين إلا اننى وجدت بعد 25 يناير تحولات مذهلة في مواقف تلك التيارات التى كانت فيما سبق اشبه بالجبال الرواسى في نظرتهم للمظاهرات وحقوق الأقباط والأحزاب والعمل السياسى بل والدعوات لتطبيق الديموقراطية داخل تلك التيارات.
لقد اصبحت بعض التيارات الإسلامية مثل حزب العدالة والتنمية في تركيا والإخوان المسلمين في مصر والنهضة في تونس وغيرهم مؤهلة تماما وفعلا لتقديم نموذج اسلامى رشيد لحكم دولة مدنية حديثة فى الوقت الذى لا تزال القوى الليبرالية والعلمانية واليسارية تناطح الصخر في محاولتها فصل الدين عن الدولة وإقامة محاكم تفتيش على الضمائر او بتقديم حجج واهية مثل عدم تلويث الدين بالسياسة كأنه مكتوب على السياسة ان تظل ملوثة وقبيحة او بحجة عدم ادخال الثابت في المتغير كأن الحكم وإدارة الدولة ثلاث او اربع ركعات مثل الصلاة.
إن اخشى ما اخشاه ان ينتهى تنظيم القاعدة من مراجعة نفسه ويتجه نحو التيار الوسطى الإسلامى قبل أن يتوقف الليبراليون والعلمانيون اليسار عن مناطحة الصخر و يدركوا ان بإستطاعتهم تقديم نماذج عربية واسلامية لليبرالية وعلمانية يمكن ان تتماشى مع دين مدنى بإمتياز اسمه الإسلام
الثلاثاء، 22 مارس 2011
مغالطات حول الاستفتاء والدين
من أكبرالمغالطات التى اثيرت لاختزال نتيجة الاستفتاء حول التعديلات الدستورية هى تصوير أن الناس خرجت بالملايين لأن هناك من قال لهم إن من سيقول نعم سيدخل الجنة او أن التصويت في الاستفتاء كان على المادة الثانية في الدستور.
الحقيقة أن لي ملاحظة مبدئية تتعلق بالطبيعة التكوينية للعقيدة السنية التى ينتمى إليها جموع أهل مصر آلا وهى انه لا يوجد عندهم ما يمكن أن نطلق عليهم حرفيا رجل دين على عكس الشيعة والنصارى مثلا، ذلك لأن ما يقدمه اى واعظ يصعد منبر او يتحدث او يكتب في اي وسيلة اعلامية ما هو إلا رأى يمكن ان يكون قريبا او بعيدا عن الدين. وبالتالى فإن اتباع الناس لرأى هذا الواعظ او ذاك يرتبط بشكل وثيق بما تشكله هذه الأراء من مصداقية لذلك لا اعتقد ان هناك واعظا او عالما مسلما سنىا صاحب مصداقية يمكن ان يفتى بأن من يقول نعم سيدخل الجنة ناهيك عن التورط في مجرد ان يقول ان "لا" يمكن تدخل النار.
ويمكن لأى انسان ان يكتشف في ثوان معدودة ان التعديلات ليست على المادة الثانية من الدستور. رغم اننى ازعم اننا لو قمنا باستفتاء حول هذه المادة تحديدا لجاءت نتيجة الاستفتاء كاسحة ولن يحتاج الناس لفتوى من اى مخلوق لكي يقول لهم ان دين دولة مصر الإسلام والذي يعنى بالضرورة ان كل الأديان السماوية الأخرى معترف بها. ومبادئ الشريعة الإسلامية يجب ان تكون المصدر الرئيس للتشريع والتى تعنى بالضرورة ايضا ان شرائع اهل الكتاب معمول بها فيما يخص احوالهم.
ولكن دعنى اقدم بعض المشاهد التى تدل على تهافت حجة من صوَر ان الناس خرجت تقول نعم لمجرد ان هناك من قال لهم انهم سيحصولون على صك الغفران بقولهم "نعم" وان نار جهنم تنتظر من يقول "لا".
المشهد الأول يوم الجمعة 28 يناير عندما جاءت تعليمات لخطباء المساجد بالتوجيه بحرمة الخروج في المظاهرات باعتبارها خروج على الشرع ودعوة للفتنة والفوضى والتخريب.
المشهد الثاني بدأ قبل الثورة بفتاوى وخطب لكل دعاة التيار السلفي وعلى رأسهم الشيخ محمد حسان وابو اسحقاق الحوينى وغيرهما بحرمة الخروج في المظاهرات باعتبارها فتنة وفوضى وحرمة الخروج على الحاكم. بل وقام شباب الدعوة السليفة بالتوريج لها وهى كلها بالمناسبة منشورة على الشبكة العنكبوتيه.
والسؤال ماذا حدث؟ الإجابه طبعا معروفة. لقد خرجت الملايين تطالب بسقوط الرئيس مبارك والذي حدث في الواقع ان علماء الدعوة السلفية وشبابهم هم الذين غيروا رأيهم والتحقوا بالثورة وليس العكس.
اضف مشهدا ثالثا شديد الغربة فى الجهة المقابلة. لقد دعى الداعية الإسلامى الرائع عمرو خالد وأنا بالمناسبة من محبيه الى التصويت بـ "لا" ضد التعديلات. ومع ذلك فلم يجد أى من محبيه ومن يحترمه غضاضة على الإطلاق ان يخالفه الرأى دون ان يشعر انه قد اثم بما فعل.
اعتقد ان كل منا يمكن ان يستدعى عشرات المشاهد خالف فيها اراء بعض العلماء مثل فتوى شيخ الأزهر السابق سيد طنطاوى حول فوائد البنوك وغيرها الكثير ليدرك ان المسلمين من اهل السنة يتعاملون مع العلماء على ان ما يقولونه اراء تحتمل الصواب والخطأ وأن عليه العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتَوك".
الحقيقة لى كلمة اخيرة ربما لم يدركها أولئك الذين حولوا الاستفتاء الى معركة ليست لإقناع الناس بجدوى ووجاهة حجتهم فى القول بـ "لا" بل الى معركة وحملة تشويه ساحقة للإخوان المسلمين وبالتالى خسروا الرهان على اقناع الناس في الوقت الذي استطاع فيه الإخوان بحكم اقترابهم من الواقع على الأرض ان يكون رأيهم تعبيرا فعليا ان امال واشواق الناس التى كانت تريد ببساطة جو مستقر وطريق واضح المعالم تمضى فيه البلاد نحو كل ما يطلبه المنادون بـ "لا".
الحقيقة أن لي ملاحظة مبدئية تتعلق بالطبيعة التكوينية للعقيدة السنية التى ينتمى إليها جموع أهل مصر آلا وهى انه لا يوجد عندهم ما يمكن أن نطلق عليهم حرفيا رجل دين على عكس الشيعة والنصارى مثلا، ذلك لأن ما يقدمه اى واعظ يصعد منبر او يتحدث او يكتب في اي وسيلة اعلامية ما هو إلا رأى يمكن ان يكون قريبا او بعيدا عن الدين. وبالتالى فإن اتباع الناس لرأى هذا الواعظ او ذاك يرتبط بشكل وثيق بما تشكله هذه الأراء من مصداقية لذلك لا اعتقد ان هناك واعظا او عالما مسلما سنىا صاحب مصداقية يمكن ان يفتى بأن من يقول نعم سيدخل الجنة ناهيك عن التورط في مجرد ان يقول ان "لا" يمكن تدخل النار.
ويمكن لأى انسان ان يكتشف في ثوان معدودة ان التعديلات ليست على المادة الثانية من الدستور. رغم اننى ازعم اننا لو قمنا باستفتاء حول هذه المادة تحديدا لجاءت نتيجة الاستفتاء كاسحة ولن يحتاج الناس لفتوى من اى مخلوق لكي يقول لهم ان دين دولة مصر الإسلام والذي يعنى بالضرورة ان كل الأديان السماوية الأخرى معترف بها. ومبادئ الشريعة الإسلامية يجب ان تكون المصدر الرئيس للتشريع والتى تعنى بالضرورة ايضا ان شرائع اهل الكتاب معمول بها فيما يخص احوالهم.
ولكن دعنى اقدم بعض المشاهد التى تدل على تهافت حجة من صوَر ان الناس خرجت تقول نعم لمجرد ان هناك من قال لهم انهم سيحصولون على صك الغفران بقولهم "نعم" وان نار جهنم تنتظر من يقول "لا".
المشهد الأول يوم الجمعة 28 يناير عندما جاءت تعليمات لخطباء المساجد بالتوجيه بحرمة الخروج في المظاهرات باعتبارها خروج على الشرع ودعوة للفتنة والفوضى والتخريب.
المشهد الثاني بدأ قبل الثورة بفتاوى وخطب لكل دعاة التيار السلفي وعلى رأسهم الشيخ محمد حسان وابو اسحقاق الحوينى وغيرهما بحرمة الخروج في المظاهرات باعتبارها فتنة وفوضى وحرمة الخروج على الحاكم. بل وقام شباب الدعوة السليفة بالتوريج لها وهى كلها بالمناسبة منشورة على الشبكة العنكبوتيه.
والسؤال ماذا حدث؟ الإجابه طبعا معروفة. لقد خرجت الملايين تطالب بسقوط الرئيس مبارك والذي حدث في الواقع ان علماء الدعوة السلفية وشبابهم هم الذين غيروا رأيهم والتحقوا بالثورة وليس العكس.
اضف مشهدا ثالثا شديد الغربة فى الجهة المقابلة. لقد دعى الداعية الإسلامى الرائع عمرو خالد وأنا بالمناسبة من محبيه الى التصويت بـ "لا" ضد التعديلات. ومع ذلك فلم يجد أى من محبيه ومن يحترمه غضاضة على الإطلاق ان يخالفه الرأى دون ان يشعر انه قد اثم بما فعل.
اعتقد ان كل منا يمكن ان يستدعى عشرات المشاهد خالف فيها اراء بعض العلماء مثل فتوى شيخ الأزهر السابق سيد طنطاوى حول فوائد البنوك وغيرها الكثير ليدرك ان المسلمين من اهل السنة يتعاملون مع العلماء على ان ما يقولونه اراء تحتمل الصواب والخطأ وأن عليه العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتَوك".
الحقيقة لى كلمة اخيرة ربما لم يدركها أولئك الذين حولوا الاستفتاء الى معركة ليست لإقناع الناس بجدوى ووجاهة حجتهم فى القول بـ "لا" بل الى معركة وحملة تشويه ساحقة للإخوان المسلمين وبالتالى خسروا الرهان على اقناع الناس في الوقت الذي استطاع فيه الإخوان بحكم اقترابهم من الواقع على الأرض ان يكون رأيهم تعبيرا فعليا ان امال واشواق الناس التى كانت تريد ببساطة جو مستقر وطريق واضح المعالم تمضى فيه البلاد نحو كل ما يطلبه المنادون بـ "لا".
الجمعة، 4 مارس 2011
مصر بين الجمهورية الديموقراطية الأولى و الفرعونية الثانية
لا أدري لمن سيبنى المصريون هرمهم الرابع؟! للديموقراطية ام لفرعون جديد.
اسمحوا لى ان اسجل أن بواردر أول انقسام هيكلى في الثورة المصرية قد بدأ الأن بين من يريد أن يبدأ ببناء الهرم الديموقراطى الرابع من القاعدة الى القمة وبين من يريد ان يبدأ البناء من القمة الى القاعدة. لعل هذا الخلاف بدأ واضحا في اعقاب تلك الاجتماعات التى قادتها فجأة صحيفة المصرى اليوم والتى للحقيقة بدأت ارهاصاتها في صورة فردية حتى تحولت إلى اتجاه يأخذ الثورة في منحى البدء بانتخاب الرئيس وتأجيل الإنتخابات المحلية والبرلمانية الأخرى لحين تشكل احزاب تستطيع المنافسة على افتراض أن البدء بالانتخابات البرلمانية سيحصر المنافسة الإفتراضية بين الحزب الوطنى والأخوان المسلمين.
هذا المشهد مسكون أيضا بسيناريو الفزاعات التى نتصور أن الشعب المصرى الذي قام وثار واحرق اول ما احرق مقار الحزب الوطنى هو الذي سيعيد رجاله طواعية الى المشهد السياسي مرة اخرى مع العلم ان الذي دفع بهولاء للحياة البرلمانية هو التحالف بين مؤسسة الرئاسة وسلطة المال وليس الإرادة الشعبية. واذا علمنا أن الأسس الرافعة للحزب الوطنى قد انهارت نكون قد عدنا لفزاعة الأخوان المسلمين باعتبارهم القوة المنظمة صاحبة الشعبية الحقيقية الموجودة على الساحة السياسية الأن في مصر. وإذا علمنا أن الأخوان اكدوا انهم لن يسعوا الى اغلبية برلمانية ندرك ان الهدف هو مجرد استخدامهم كفزاعة للبعد عن خيار بناء هرم مصر الرابع من القاعدة الى القمة والدفع بالبلاد نحو خيار البناء من القمة الى القاع لهدف ولغرض معين يريد ان يدفع البلاد في اتجاه يخدم مصالح ليست بالضرورة تلك التى انطلقت الثورة من أجلها.
وإذا كان هذا الخيار غير عملى منطقيا في دنيا الأشياء، إلا أن هذا الأمر مفصلى في تصور مفترق الطرق الذي وصلت إليه الثورة اليوم وهو هل ستبنى مصر الجمهورية الفرعونية الثانية ام ستبنى الجمهورية الديموقراطية الأولى؟
أحسب ان خيار بناء الهرم الديموقراطي من الرأس الى القاعدة سيقود مصر مباشرة إلى جمهورية فرعونية جديدة وذلك لأسباب شديدة المنطقية.
1- إن أي رئيس سينتخب سيسعى إلى تكوين فريق عمله الذي سيغطى سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية بل وحتى القضائية. ومن ثم فإنه سيسعى أن يكون له حزب في البرلمان يسانده حتى ولو لم يكون رئيسه فمن المنطقى أن لا يسمح أن يكون هناك برلمان في واد يعطل قراراته وتصوراته. وبالنظر الى طبيعة الأمور التى جرت على مر السنوات منذ قيام الثورة واستعداد أعداد غير قليلة للتلون لتناسب كل مرحلة أن يتحول الرئيس الجديد الى مغناطيس يلتف حوله مجموعة من حملة المباخر والأكلين على كل الموائد وأصحاب المصالح ليعود الوضع إلى شكل قريب من الوضع السابق بأصباغ جديدة.
2- إن الرئيس المنتخب إذا ما قاد عملية إعداد دستور جديد سيوجه اللجنة المنوط بها هذا الأمر بطريقة او بأخرى نحو خلق دستور "رئاسي" بدلا من ان يكون "برلمانيا" إما بالإبقاء على الوضع المتميز للرئيس في الدستور الحالى او التخفيف منه ولكن إلى مستوى يبقى الدستور "رئاسيا".
3- إن القاعدة التى سينتخب عليها الرئيس الجديد والتى يمكن أن تصل لأول مرة إلى 55 % مثلا ستجعل من الرئيس الجديد رهينة للجهات التى ساندته بل وربما حارسا لمكتسباتها. وبالتالى سيعمل هو وتلك الجهات فقط على توجيه دفة الأمور في البلاد إلى الوجهة التى تخدم مصالحهم وليس بالضرورة مصالح الجماعة المصرية,
أما خيار البناء من القاعدة إلى القمة في ضوء لوحة الفسيفساء التى تكونت منها ساحة التحرير وبما يعكس القوى الفاعلة فيه على اختلاف توجهاتها والتى إن تركت للتطور بالشكل الذي أخذ في الظهور مع تطور الثورة في صورة هيئة ائتلافية قائدة للثورة فإننا سنكون امام برلمان يعكس الأطياف السياسية ويعكس إرادة القاعدة العريضة وبالتالى:
1- سيأتى الدستور الجديد "برلمانيا" يقلص من صلاحيات الرئيس ويعزز الفصل بين السلطات.
2- سيأتى الرئيس الجديد أمام مشهد يفرض عليه العمل مع حكومة أئتلافية تعكس الوضع الحقيقى في الساحة السياسية.
3- سيمنع مثل هذا الأمر التفاف عصابات فرعنة الرئيس حول الرئيس مجددا والعمل على إفساد الحياة السياسية حيث سيكون البرلمان قويا قادرا على محاسبة الرئيس لا مجرد تابعا له.
لست في مجال حصر مميزات وعيوب طريقتى بناء الهرم الديموقراطى. ولكننى أقول إننا أمام مفترق طرق يجب الانتباه والتروى قبل الاندفاع نحو هذا الطريق أو ذاك. الحقيقة أننا أمام مشهد جديد لا أظن أنه برئ تماما لمن يقولون بأن البناء يجب أن يبدأ من الرأس والذى في أسوأ الفروض سيأتى برأس جديدة لجسد قائم او رأس جديدة تتلمس بناء جسد على مقاسها او هو ترتيب جديد للبيت على أسس اقصائية لقوى وتيارات معينة تدفع اليه وبشدة تيارات داخلية وخارجية.
هل ستبنى مصر هرمها الرابع لفرعون جديد أم ليكون صرحا لأول ديموقراطية شعبية في تاريخ مصر
اسمحوا لى ان اسجل أن بواردر أول انقسام هيكلى في الثورة المصرية قد بدأ الأن بين من يريد أن يبدأ ببناء الهرم الديموقراطى الرابع من القاعدة الى القمة وبين من يريد ان يبدأ البناء من القمة الى القاعدة. لعل هذا الخلاف بدأ واضحا في اعقاب تلك الاجتماعات التى قادتها فجأة صحيفة المصرى اليوم والتى للحقيقة بدأت ارهاصاتها في صورة فردية حتى تحولت إلى اتجاه يأخذ الثورة في منحى البدء بانتخاب الرئيس وتأجيل الإنتخابات المحلية والبرلمانية الأخرى لحين تشكل احزاب تستطيع المنافسة على افتراض أن البدء بالانتخابات البرلمانية سيحصر المنافسة الإفتراضية بين الحزب الوطنى والأخوان المسلمين.
هذا المشهد مسكون أيضا بسيناريو الفزاعات التى نتصور أن الشعب المصرى الذي قام وثار واحرق اول ما احرق مقار الحزب الوطنى هو الذي سيعيد رجاله طواعية الى المشهد السياسي مرة اخرى مع العلم ان الذي دفع بهولاء للحياة البرلمانية هو التحالف بين مؤسسة الرئاسة وسلطة المال وليس الإرادة الشعبية. واذا علمنا أن الأسس الرافعة للحزب الوطنى قد انهارت نكون قد عدنا لفزاعة الأخوان المسلمين باعتبارهم القوة المنظمة صاحبة الشعبية الحقيقية الموجودة على الساحة السياسية الأن في مصر. وإذا علمنا أن الأخوان اكدوا انهم لن يسعوا الى اغلبية برلمانية ندرك ان الهدف هو مجرد استخدامهم كفزاعة للبعد عن خيار بناء هرم مصر الرابع من القاعدة الى القمة والدفع بالبلاد نحو خيار البناء من القمة الى القاع لهدف ولغرض معين يريد ان يدفع البلاد في اتجاه يخدم مصالح ليست بالضرورة تلك التى انطلقت الثورة من أجلها.
وإذا كان هذا الخيار غير عملى منطقيا في دنيا الأشياء، إلا أن هذا الأمر مفصلى في تصور مفترق الطرق الذي وصلت إليه الثورة اليوم وهو هل ستبنى مصر الجمهورية الفرعونية الثانية ام ستبنى الجمهورية الديموقراطية الأولى؟
أحسب ان خيار بناء الهرم الديموقراطي من الرأس الى القاعدة سيقود مصر مباشرة إلى جمهورية فرعونية جديدة وذلك لأسباب شديدة المنطقية.
1- إن أي رئيس سينتخب سيسعى إلى تكوين فريق عمله الذي سيغطى سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية بل وحتى القضائية. ومن ثم فإنه سيسعى أن يكون له حزب في البرلمان يسانده حتى ولو لم يكون رئيسه فمن المنطقى أن لا يسمح أن يكون هناك برلمان في واد يعطل قراراته وتصوراته. وبالنظر الى طبيعة الأمور التى جرت على مر السنوات منذ قيام الثورة واستعداد أعداد غير قليلة للتلون لتناسب كل مرحلة أن يتحول الرئيس الجديد الى مغناطيس يلتف حوله مجموعة من حملة المباخر والأكلين على كل الموائد وأصحاب المصالح ليعود الوضع إلى شكل قريب من الوضع السابق بأصباغ جديدة.
2- إن الرئيس المنتخب إذا ما قاد عملية إعداد دستور جديد سيوجه اللجنة المنوط بها هذا الأمر بطريقة او بأخرى نحو خلق دستور "رئاسي" بدلا من ان يكون "برلمانيا" إما بالإبقاء على الوضع المتميز للرئيس في الدستور الحالى او التخفيف منه ولكن إلى مستوى يبقى الدستور "رئاسيا".
3- إن القاعدة التى سينتخب عليها الرئيس الجديد والتى يمكن أن تصل لأول مرة إلى 55 % مثلا ستجعل من الرئيس الجديد رهينة للجهات التى ساندته بل وربما حارسا لمكتسباتها. وبالتالى سيعمل هو وتلك الجهات فقط على توجيه دفة الأمور في البلاد إلى الوجهة التى تخدم مصالحهم وليس بالضرورة مصالح الجماعة المصرية,
أما خيار البناء من القاعدة إلى القمة في ضوء لوحة الفسيفساء التى تكونت منها ساحة التحرير وبما يعكس القوى الفاعلة فيه على اختلاف توجهاتها والتى إن تركت للتطور بالشكل الذي أخذ في الظهور مع تطور الثورة في صورة هيئة ائتلافية قائدة للثورة فإننا سنكون امام برلمان يعكس الأطياف السياسية ويعكس إرادة القاعدة العريضة وبالتالى:
1- سيأتى الدستور الجديد "برلمانيا" يقلص من صلاحيات الرئيس ويعزز الفصل بين السلطات.
2- سيأتى الرئيس الجديد أمام مشهد يفرض عليه العمل مع حكومة أئتلافية تعكس الوضع الحقيقى في الساحة السياسية.
3- سيمنع مثل هذا الأمر التفاف عصابات فرعنة الرئيس حول الرئيس مجددا والعمل على إفساد الحياة السياسية حيث سيكون البرلمان قويا قادرا على محاسبة الرئيس لا مجرد تابعا له.
لست في مجال حصر مميزات وعيوب طريقتى بناء الهرم الديموقراطى. ولكننى أقول إننا أمام مفترق طرق يجب الانتباه والتروى قبل الاندفاع نحو هذا الطريق أو ذاك. الحقيقة أننا أمام مشهد جديد لا أظن أنه برئ تماما لمن يقولون بأن البناء يجب أن يبدأ من الرأس والذى في أسوأ الفروض سيأتى برأس جديدة لجسد قائم او رأس جديدة تتلمس بناء جسد على مقاسها او هو ترتيب جديد للبيت على أسس اقصائية لقوى وتيارات معينة تدفع اليه وبشدة تيارات داخلية وخارجية.
هل ستبنى مصر هرمها الرابع لفرعون جديد أم ليكون صرحا لأول ديموقراطية شعبية في تاريخ مصر
السبت، 12 فبراير 2011
الشجرة المحرمة
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أدرى إذا كانت هذه الصورة التى انا بصدد الحديث عنها اليوم واضحة لدى من هم في مراكز صنع القرار في مصر وفي العالم العربي اليوم ام لا. بالتأكيد الفكرة التى انا بصددها شديدة البساطة وشديدة البديهية ولكنها بدت مع هذه بعيدة ربما بعيدة جدا عن تصور بعض صناع القرار في العالم العربي رغم الشواهد التى تتوالى على مركزية هذه الفكرة.
لقد قضى الرئيس انور السادات بعد ان ارتكب خطيئته الكبرى بالذهاب الى توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل بدون الرجوع الى شعبه في قبول أو رفض الإتفاقية او استخدام الشفافية في عرض الاتفاقية وملاحقها لكي يكون الشعب على بينة بما ستقدم عليه الدولة وانا هنا لست ضد توقيع اتفاقيات مع اي طرف ولكنى ضد ان يكون ذلك بعيدا عن أعين الشعب وبدون موافقته خاصة ان الاتفاقيات تخص مستقبل الأمة. وانى ازعم ان الرئيس السادات لو عاد للشعب واتخذه ورقة في الضغط اثناء المفاوضات لما حرمت مصر اليوم على سبيل المثال لا الحصر ان يكون لجيشها وجود على كامل ارض سيناء ولما احتجنا مثلا للإذن من اسرائيل لنشر قوات اضافية مثلا لحماية الحدود. وقد كان لجوء الرئيس السادات ايضا الى الإنقضاض على المعارضة ونفى الحياة السياسية لتحقيق المصالحة مع اسرائيل هو السبب الرئيس الذي أوصل الرئيس السادات للمنصة.
رغم ان الرئيس مبارك حضر هذا المشهد بكل تفاصيلة إلا إنه لم يقرأ حقيقة الفكرة وهى ان الرئيس السادات قد اكل من الشجرة المحرمة وهى اقامة علاقة غير مشروعة مع اسرائيل وسد الأفق السياسى من اجل تمرير هذه الإتفاقية. ولكن للأسف فقد مضى الرئيس مبارك بشكل وصل الى حد الجنوح في سنواته عندما تحولت مصر الى بواب يحفظ امن اسرائيل بل وتحول في لحظة في تاريخ نظام مبارك الى منبر تعلن منها تسبى ليفينى الحرب على غزة من قاهرة المعز. وتبع ذلك عملية حصار خانق على غزة بعد الحرب البشعة التى شنتها اسرائيل على غزة لعل ذلك يؤدى الى سقوط حماس. وتحول نظام مبارك الى مهزلة اخلاقية وفضيحة عالمية في مروغاته ومنكفاته مع المتضامين مع المحاصرين في غزة. وتبع ذلك عملية خنق للحياة السياسية بصورة غير مسبوقة لتمرير مشروع التوريث. ووصل الأمر للحد الذي عبر عنه احد اقطاب الحزب الحاكم بقولة ان اسرائيل والولايات المتحدة سيكون لهما رأى فيمن سيتولى الحكم في مصر بعد مبارك. أكل الرئيس مبارك من نفس الشجرة المحرمة التى اكل منها الراحل السادات بل وشبع وربى لحما وعظما من هذه الشجرة معتمدا على جهاز امنى اطلق له العنان حتى اصبح المصرف الحصري لكل ما يخص البلاد.
وأحسب ان نائب الرئيس المخلوع ايضا وقع في نفس الشرك الذي وقع فيه رئيسه ولعل ذلك كان السبب الرئيس في رفض المتظاهرين له كبديل للرئيس.
الغريب ان اسرائيل نفسها لديها هذه الشجرة المحرمة فهى ترفض مثلا الحديث لمن تسميهم اصحاب الأيدى الملطخة بالدماء الإسرائيلية وقتلت رابين وعاقبت بيجين بالإحتقار واعتبرت ان ما حدث لشارون بعد خروجه من غزة عقوبة من الله.
ليس مطلوبا إلغاء اتفاقيات السلام الحالية مع اسرائيل ولكن مطلوب ان نتمسك في حقنا في الوعى بأنه عاجلا او اجلا ستنقض اسرائيل هذه الإتفاقيات وسنقف امام الشجرة المحرمة لنقتلعها.
لا أدرى إذا كانت هذه الصورة التى انا بصدد الحديث عنها اليوم واضحة لدى من هم في مراكز صنع القرار في مصر وفي العالم العربي اليوم ام لا. بالتأكيد الفكرة التى انا بصددها شديدة البساطة وشديدة البديهية ولكنها بدت مع هذه بعيدة ربما بعيدة جدا عن تصور بعض صناع القرار في العالم العربي رغم الشواهد التى تتوالى على مركزية هذه الفكرة.
لقد قضى الرئيس انور السادات بعد ان ارتكب خطيئته الكبرى بالذهاب الى توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل بدون الرجوع الى شعبه في قبول أو رفض الإتفاقية او استخدام الشفافية في عرض الاتفاقية وملاحقها لكي يكون الشعب على بينة بما ستقدم عليه الدولة وانا هنا لست ضد توقيع اتفاقيات مع اي طرف ولكنى ضد ان يكون ذلك بعيدا عن أعين الشعب وبدون موافقته خاصة ان الاتفاقيات تخص مستقبل الأمة. وانى ازعم ان الرئيس السادات لو عاد للشعب واتخذه ورقة في الضغط اثناء المفاوضات لما حرمت مصر اليوم على سبيل المثال لا الحصر ان يكون لجيشها وجود على كامل ارض سيناء ولما احتجنا مثلا للإذن من اسرائيل لنشر قوات اضافية مثلا لحماية الحدود. وقد كان لجوء الرئيس السادات ايضا الى الإنقضاض على المعارضة ونفى الحياة السياسية لتحقيق المصالحة مع اسرائيل هو السبب الرئيس الذي أوصل الرئيس السادات للمنصة.
رغم ان الرئيس مبارك حضر هذا المشهد بكل تفاصيلة إلا إنه لم يقرأ حقيقة الفكرة وهى ان الرئيس السادات قد اكل من الشجرة المحرمة وهى اقامة علاقة غير مشروعة مع اسرائيل وسد الأفق السياسى من اجل تمرير هذه الإتفاقية. ولكن للأسف فقد مضى الرئيس مبارك بشكل وصل الى حد الجنوح في سنواته عندما تحولت مصر الى بواب يحفظ امن اسرائيل بل وتحول في لحظة في تاريخ نظام مبارك الى منبر تعلن منها تسبى ليفينى الحرب على غزة من قاهرة المعز. وتبع ذلك عملية حصار خانق على غزة بعد الحرب البشعة التى شنتها اسرائيل على غزة لعل ذلك يؤدى الى سقوط حماس. وتحول نظام مبارك الى مهزلة اخلاقية وفضيحة عالمية في مروغاته ومنكفاته مع المتضامين مع المحاصرين في غزة. وتبع ذلك عملية خنق للحياة السياسية بصورة غير مسبوقة لتمرير مشروع التوريث. ووصل الأمر للحد الذي عبر عنه احد اقطاب الحزب الحاكم بقولة ان اسرائيل والولايات المتحدة سيكون لهما رأى فيمن سيتولى الحكم في مصر بعد مبارك. أكل الرئيس مبارك من نفس الشجرة المحرمة التى اكل منها الراحل السادات بل وشبع وربى لحما وعظما من هذه الشجرة معتمدا على جهاز امنى اطلق له العنان حتى اصبح المصرف الحصري لكل ما يخص البلاد.
وأحسب ان نائب الرئيس المخلوع ايضا وقع في نفس الشرك الذي وقع فيه رئيسه ولعل ذلك كان السبب الرئيس في رفض المتظاهرين له كبديل للرئيس.
الغريب ان اسرائيل نفسها لديها هذه الشجرة المحرمة فهى ترفض مثلا الحديث لمن تسميهم اصحاب الأيدى الملطخة بالدماء الإسرائيلية وقتلت رابين وعاقبت بيجين بالإحتقار واعتبرت ان ما حدث لشارون بعد خروجه من غزة عقوبة من الله.
ليس مطلوبا إلغاء اتفاقيات السلام الحالية مع اسرائيل ولكن مطلوب ان نتمسك في حقنا في الوعى بأنه عاجلا او اجلا ستنقض اسرائيل هذه الإتفاقيات وسنقف امام الشجرة المحرمة لنقتلعها.
الثلاثاء، 8 فبراير 2011
مبارك وهؤلاء
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك من لا يزال يتحدث الى اليوم حول تاريخ الرئيس مبارك وكرامة الرئيس وانا الحقيقة لست ضد ان تحترم كرامة كل انسان حتى ولو كان الرئيس مبارك الذي اهدر كرامة شعبه على مدى 30 عاما وحتى السيد حبيب العادلى الذي عمل على اذلال هذا الشعب واجهزته القمعية حتى اليوم فهو يستحق محاكمة عادلة ويستحق ان يقف ليس امام نيابة امن الدولة التى استخدمها ضد خصوم النظام ولكن امام نيابة عادية.
ولكن المدهش حقيقة ان ترى من لا يميز بين كرامة الشعب المصرى مقابل كرامة الرئيس فهؤلاء لا يرون ان عودة هذه الأمة التى خرجت لتطالب برحيل رئيسها هى حقيقة امتهان لكرامة الشعب وعدم اكتراث بمطالبه الحقيقية والمشروعة فى رؤية مصر جديدة بلا رئيس لا يزال يرى انه يحتكر الحقيقة وانه هو الاستقرار وبعده الفوضى.
وهناك ايضا من يختصر المشهد في الحاجة الى الحفاظ على الرئيس بالنظر الى تاريخية في خدمة البلاد. وهو امر شديد التسطيح بالنظر الى ان مطالب الشعب هو تنحية الرئيس وليس الغاء تاريخة فهذا حقه الشخصى الذي يمكن ان يحتفل به ومن يتضامن معه طويلا ولكن هذا لا يعنى ان تستمر مصر اسيرة تاريخ رئيس يعتبر وبحسب المراقبين هو الأكثر استفادة من حرب اكتوبر اكثر حتى من الرئيس السادات الذي قاد حرب اكتوبر.
احب هنا ان اقدم اربع شخصيات كانت على درجة كبيرة من الإسهام في تاريخ بلادها ولكنها عن نقطة معينة اما تركت الحكم بإرادة شعبية او برغبة شخصية رغم تاريخهم الحافل حيث ان شعوبهم نظرت لهم على انهم محطات في طريق الوطن وان الوطن لا يجب ان يتوقف ولو للحظة واحدة من اجل شخص مهما كانت هامته وقامته وليس في ذلك من باب نكران جميل ولكن من باب ان فكرة الوطن لا يمكن ان تختزل في افراد. واتذكر هنا ابو بكر الصديق رضى الله عنه الذي وقف يقول عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم "من كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت" وأنطلق الصحابة رضوان الله عليهم في اختيار خليفة المسلمين قبل دفن الرسول صلى الله عليه وسلم في واحدة من الصور الدالة التى ترسخ قيمة الفكرة لا الفرد مهما كانت قيمته.
هذا هو شارل ديجول الذي قاد بلاده للتحرر من الاحتلال الألمانى وهو بالمناسبة رجل عسكرى استطاع أن يكون جيشا بعد انهيار جيش بلاده واحتلالها على يد الألمان بعد نهاية الحرب وقاد حركة المقاومة ضد الألمان حتى حققت بلاده استقلالها. وكان ديجول يزاول الحكم في الحكومة المؤقتة بعقلية رئاسية، فلما بدأ التذمر في صفوف الشعب الفرنسي، أجرى ديجول استفتاء عاماً أسفر عن إيثار الشعب لحكم نيابي، فاستقال من منصبه سنة 1946 واعتزل السياسة.
اما وينستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا فقد قاد ليس فقط بريطانيا بل الغرب كله لنصر ضد النازية الألمانية. وشغل وينستون تشرشل منصب رئيس وزراء بريطانيا عام 1940واستمر فيه خلال الحرب العالمية الثانية وذلك بعد استقالة تشامبرلين. استطاع رفع معنويات شعبه أثناء الحرب حيث كانت خطاباته إلهاماً عظيماً إلى قوات الحلفاء. كان أول من أشار بعلامة النصر بواسطة الاصبعين السبابة والوسطي. ولكن "المسكين" بعد الحرب خسر الانتخابات سنة 1945 وأصبحَ زعيمَ المعارضةِ ثم عاد إلي منصب رئيس الوزراء ثانيةً في 1951 وأخيراً تَقَاعد في 1955.
ويقدم نيلسون منديلا المناضل الإفريقى الأشهر صورة نادرة لرجل قضى زهرة حياته في المعتقلات التي بدأت في فبراير 1962 اُعتقل مانديلا وحُكم عليه لمدة 5 سنوات بتهمة السفر غير القانوني، والتدبير للإضراب. وفي عام 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى فحكم عليه بالسجن مدى الحياة. خلال سنوات سجنه الثمانية والعشرين، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري. وفي 10 يونيو 1980 تم نشر رسالة استطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: "إتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري". في عام 1985 عُرض على مانديلا إطلاق السراح مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض العرض. وبقي في السجن حتى 11 فبراير 1990 . منديلا بعد ان وصل مقعد الرئاسة ورغم تاريخة الطويل الذي كان يمكن ان يجعله يجلس مرتاحا على كرسى الحكم حتى اخر نبض في قلبه على حد قول الرئيس مبارك فقد ترك الحكم طواعية ليفسح الطريق امام غيره ليقود وطنه لمستقبل افضل.
اما رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد الذي حول بلاده من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية إلى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعي الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الاجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من اجمالي الصادرات، وتنتج 80% من السيارات التي تسير في الشوارع الماليزية. كانت النتيجة الطبيعية لهذا التطور ان انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% من اجمالي السكان في عام 1970، أي أكثر من نصفهم، إلى 5% فقط في عام 2002، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 إلى 8862 دولارا في عام 2002، اي ان دخل المواطن زاد لاكثر من سبعة امثال ما كان عليه منذ ثلاثين عاما، وانخفضت نسبة البطالة إلى 3%. وقد قضى مهاتير محمد 22 عاما في رئاسة الوزراء ولكنه اقدم على الإستقالة من منصبه ليترك لبلاده لتنطلق تحت قيادة جديدة رغم انه لم يكن هناك تهديدا لرئاسته.
يمكن لبعض من يريدون استمرار مبارك في الحكم ان يتصوره اكبر من هؤلاء جميعا رغم حقنا عليهم ان يدرسوا تاريخه ونمط حكمه لمصر طوال 30 عاما ولكن عليهم ايضا ان يستدعوا انجاز مصر الحضارى على مدى اكثر من 7000 عام حتى يقارنوا بين تاريخ بلادهم وتاريخ رئيسهم الذي اخذ 30 فرصة قبل ان تنفجر البلد في وجهه يوم 25 يناير 2011.
هناك من لا يزال يتحدث الى اليوم حول تاريخ الرئيس مبارك وكرامة الرئيس وانا الحقيقة لست ضد ان تحترم كرامة كل انسان حتى ولو كان الرئيس مبارك الذي اهدر كرامة شعبه على مدى 30 عاما وحتى السيد حبيب العادلى الذي عمل على اذلال هذا الشعب واجهزته القمعية حتى اليوم فهو يستحق محاكمة عادلة ويستحق ان يقف ليس امام نيابة امن الدولة التى استخدمها ضد خصوم النظام ولكن امام نيابة عادية.
ولكن المدهش حقيقة ان ترى من لا يميز بين كرامة الشعب المصرى مقابل كرامة الرئيس فهؤلاء لا يرون ان عودة هذه الأمة التى خرجت لتطالب برحيل رئيسها هى حقيقة امتهان لكرامة الشعب وعدم اكتراث بمطالبه الحقيقية والمشروعة فى رؤية مصر جديدة بلا رئيس لا يزال يرى انه يحتكر الحقيقة وانه هو الاستقرار وبعده الفوضى.
وهناك ايضا من يختصر المشهد في الحاجة الى الحفاظ على الرئيس بالنظر الى تاريخية في خدمة البلاد. وهو امر شديد التسطيح بالنظر الى ان مطالب الشعب هو تنحية الرئيس وليس الغاء تاريخة فهذا حقه الشخصى الذي يمكن ان يحتفل به ومن يتضامن معه طويلا ولكن هذا لا يعنى ان تستمر مصر اسيرة تاريخ رئيس يعتبر وبحسب المراقبين هو الأكثر استفادة من حرب اكتوبر اكثر حتى من الرئيس السادات الذي قاد حرب اكتوبر.
احب هنا ان اقدم اربع شخصيات كانت على درجة كبيرة من الإسهام في تاريخ بلادها ولكنها عن نقطة معينة اما تركت الحكم بإرادة شعبية او برغبة شخصية رغم تاريخهم الحافل حيث ان شعوبهم نظرت لهم على انهم محطات في طريق الوطن وان الوطن لا يجب ان يتوقف ولو للحظة واحدة من اجل شخص مهما كانت هامته وقامته وليس في ذلك من باب نكران جميل ولكن من باب ان فكرة الوطن لا يمكن ان تختزل في افراد. واتذكر هنا ابو بكر الصديق رضى الله عنه الذي وقف يقول عن وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم "من كان يعبد محمد فإن محمد قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت" وأنطلق الصحابة رضوان الله عليهم في اختيار خليفة المسلمين قبل دفن الرسول صلى الله عليه وسلم في واحدة من الصور الدالة التى ترسخ قيمة الفكرة لا الفرد مهما كانت قيمته.
هذا هو شارل ديجول الذي قاد بلاده للتحرر من الاحتلال الألمانى وهو بالمناسبة رجل عسكرى استطاع أن يكون جيشا بعد انهيار جيش بلاده واحتلالها على يد الألمان بعد نهاية الحرب وقاد حركة المقاومة ضد الألمان حتى حققت بلاده استقلالها. وكان ديجول يزاول الحكم في الحكومة المؤقتة بعقلية رئاسية، فلما بدأ التذمر في صفوف الشعب الفرنسي، أجرى ديجول استفتاء عاماً أسفر عن إيثار الشعب لحكم نيابي، فاستقال من منصبه سنة 1946 واعتزل السياسة.
اما وينستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا فقد قاد ليس فقط بريطانيا بل الغرب كله لنصر ضد النازية الألمانية. وشغل وينستون تشرشل منصب رئيس وزراء بريطانيا عام 1940واستمر فيه خلال الحرب العالمية الثانية وذلك بعد استقالة تشامبرلين. استطاع رفع معنويات شعبه أثناء الحرب حيث كانت خطاباته إلهاماً عظيماً إلى قوات الحلفاء. كان أول من أشار بعلامة النصر بواسطة الاصبعين السبابة والوسطي. ولكن "المسكين" بعد الحرب خسر الانتخابات سنة 1945 وأصبحَ زعيمَ المعارضةِ ثم عاد إلي منصب رئيس الوزراء ثانيةً في 1951 وأخيراً تَقَاعد في 1955.
ويقدم نيلسون منديلا المناضل الإفريقى الأشهر صورة نادرة لرجل قضى زهرة حياته في المعتقلات التي بدأت في فبراير 1962 اُعتقل مانديلا وحُكم عليه لمدة 5 سنوات بتهمة السفر غير القانوني، والتدبير للإضراب. وفي عام 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى فحكم عليه بالسجن مدى الحياة. خلال سنوات سجنه الثمانية والعشرين، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري. وفي 10 يونيو 1980 تم نشر رسالة استطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: "إتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري". في عام 1985 عُرض على مانديلا إطلاق السراح مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة، إلا أنه رفض العرض. وبقي في السجن حتى 11 فبراير 1990 . منديلا بعد ان وصل مقعد الرئاسة ورغم تاريخة الطويل الذي كان يمكن ان يجعله يجلس مرتاحا على كرسى الحكم حتى اخر نبض في قلبه على حد قول الرئيس مبارك فقد ترك الحكم طواعية ليفسح الطريق امام غيره ليقود وطنه لمستقبل افضل.
اما رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد الذي حول بلاده من دولة زراعية تعتمد على إنتاج وتصدير المواد الأولية إلى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعي الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الاجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من اجمالي الصادرات، وتنتج 80% من السيارات التي تسير في الشوارع الماليزية. كانت النتيجة الطبيعية لهذا التطور ان انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% من اجمالي السكان في عام 1970، أي أكثر من نصفهم، إلى 5% فقط في عام 2002، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 إلى 8862 دولارا في عام 2002، اي ان دخل المواطن زاد لاكثر من سبعة امثال ما كان عليه منذ ثلاثين عاما، وانخفضت نسبة البطالة إلى 3%. وقد قضى مهاتير محمد 22 عاما في رئاسة الوزراء ولكنه اقدم على الإستقالة من منصبه ليترك لبلاده لتنطلق تحت قيادة جديدة رغم انه لم يكن هناك تهديدا لرئاسته.
يمكن لبعض من يريدون استمرار مبارك في الحكم ان يتصوره اكبر من هؤلاء جميعا رغم حقنا عليهم ان يدرسوا تاريخه ونمط حكمه لمصر طوال 30 عاما ولكن عليهم ايضا ان يستدعوا انجاز مصر الحضارى على مدى اكثر من 7000 عام حتى يقارنوا بين تاريخ بلادهم وتاريخ رئيسهم الذي اخذ 30 فرصة قبل ان تنفجر البلد في وجهه يوم 25 يناير 2011.
السبت، 5 فبراير 2011
عناد الرئيس وعناد الشعب
يحاول الرئيس مبارك ان يتشبث لأخر رمق بالسلطة يسانده في ذلك مجموعة من المنتفعين بنظامة داخليا وخارجيا. وقد كان الرئيس مبارك يحاول طوال الأيام الماضية ان يجهض ثورة هذا الشعب على المستوى الخارجى . ولعل البعد الخارجى لا زال هو هدف وامل الرئيس في البقاء في السلطة حتى اخر نفس كما قال من قبل والذي بات اليوم يتمترس وراء الجيش بعد ان فقد الأمل في قبول شعبه لحكمه. ويعتمد الرئيس مبارك في استراتيجيته بشدة على ان المصالح الغربية واسرائيل على وجه الخصوص ستتعرض للخطر بعد رحيله وان البديل لحكمة هم الإخوان المسلمون.
والحقيقة ان الرئيس مبارك ربما يستطيع ان يتمترس خلف الجيش ولكن ليس للأبد وربما يكون الغرب مترددا في التخلى التام والعلنى عن مبارك ولكن الغرب لا يريد ان يخسر مصر للأبد كما فعل مع ايران عندما ساندت الولايات المتحدة نظام شاه ايران ووقفت معه حتى غرقت سفينته تماما. ومن ثم فإن التحول في المواقف الغربية ربما سيشتد مع الوقت لأن هذه الدول لا تريد ان تفقد مصر بوصفها دولة محورية وذات اهمية استراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط.
قد يتصور البعض ان الرئيس ربما يلجأ عند نقطة ما في استخدام الجيش ضد شعبه ولكن هذا الأمر خطأ وغير عملى. صحيح ان قيادات الجيش تساند الرئيس مبارك ولكن هذا الامر غير مضمون على الإطلاق في المستويات الدنيا في الصفوف القوات المسلحة خاصة ان هذه الصفوف تعانى تقريبا مما يعانى منه المصريون لذلك فليس امام الجيش سوى البقاء في موقفه الحالى.
وامام الرئيس مبارك يقف الشعب المصرى في موقف تاريخى اخترق حاجز الخوف واسقط الرهبة من سطوة ارهاب الدولة. لقد اظهر الشعب المصرى عنادا واضحا لا يقل بل ربما يفوق عناد الرئيس الذي وقف يوم الجمعة 25 يناير امام قمة جبروت وسطوة نظام الرئيس مبارك المتمثل في امن الدولة وقوات مكافحة الشغب والأمن المركزي ومليشيات الداخلية ونجح الشعب ان يرسل واحدة من اكبر رسائله لمبارك وهو ان اكبر مؤسستين كان الرئيس مبارك يعمل على تقويتها طوال 30 عام وهما الداخلية والحزب الوطنى وعمل بالمقابل على اضعاف كافة المؤسسات الأخرى بما فيها الجيش نفسه والقضاء والأحزاب والنقابات وغيرها من منظمات المجتمع المدنى في مصر لصالحهما قد انهارا.
حاول الرئيس بعد ذلك ايام الأربعاء والخميس بعد المظاهرة المليونية ان يستغل عرضه بالرحيل في سبتمبر وانه يريد ان يدفن في وطنه والتى تشبه اعلان الرئيس الراحل عبد الناصر التنحى عن الرئاسة عام 1976 والتى اعقبها خروج مظاهرات تطالبه بالبقاء. أراد الرئيس مبارك استخدام هذا الخطاب ليقوم بمحاولته الثانية غير التقليديه لإجهاض ثورة الشعب بإستخدام ذات القوات الأمنية التى انسحبت يوم 25 بالإضافة الى بلطجية نواب الحزب الوطنى ورجال الأعمال وظن انها كافية لإنهاء الثورة. ولكن عناد الشعب وقف بكل صلابة امام هذه المحاولة ايضا في واحدة من احقر محاولات النظام للإرهاب شعبه وانهاء الثورة. وربما يوضح هذا اليوم قدرة شباب الثورة على العناد والتشبث بموقفهم الحالى.
ربما احبط البعض عندما انتهى يوم جمعة الرحيل ولم يرحل الرئيس- وهو ما كنت أتوقعه بالفعل ويتوقعه الكير من المراقبين- ولكن الحقيقة ان يوم الجمعة نجح ايضا ان يرسل رسالة اخرى من الشعب الى النظام وهو ان حملة الإرهاب التى شنها يومى الأربعاء والخميس رغم انها استمرت ايضا يوم الجمعة ومع ذلك فشلت في اخافة الشعب والمتعاطفين مع المتظاهرين.
يراهن مبارك على ان الشعب ستخور عزيمته ويرجعوا لبيوتهم ولكنه ينسى أن قلب الثورة شباب والشباب في الغالب يتسم بالعناد والقدرة على التجديد والإبتكار. وربما مع مرور الوقت تكتسب هذه الثورة زخما اكثر بعد ان يقتنع المزيد من الشعب امام اخطاء النظام المتلاحقة واصرار الرئيس على تحدى ارادة شعبه على ان رحيل الرئيس هو الأقرب للتصور وليس عودة شباب الثورة لبيوتهم. فهل ينتصر عناد الرئيس على عناد شعبه ويتغلب على رغبتهم فى رؤية رئيس جديد غير الذي حكمهم طوال الـ 30 عاما الماضية.
والحقيقة ان الرئيس مبارك ربما يستطيع ان يتمترس خلف الجيش ولكن ليس للأبد وربما يكون الغرب مترددا في التخلى التام والعلنى عن مبارك ولكن الغرب لا يريد ان يخسر مصر للأبد كما فعل مع ايران عندما ساندت الولايات المتحدة نظام شاه ايران ووقفت معه حتى غرقت سفينته تماما. ومن ثم فإن التحول في المواقف الغربية ربما سيشتد مع الوقت لأن هذه الدول لا تريد ان تفقد مصر بوصفها دولة محورية وذات اهمية استراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط.
قد يتصور البعض ان الرئيس ربما يلجأ عند نقطة ما في استخدام الجيش ضد شعبه ولكن هذا الأمر خطأ وغير عملى. صحيح ان قيادات الجيش تساند الرئيس مبارك ولكن هذا الامر غير مضمون على الإطلاق في المستويات الدنيا في الصفوف القوات المسلحة خاصة ان هذه الصفوف تعانى تقريبا مما يعانى منه المصريون لذلك فليس امام الجيش سوى البقاء في موقفه الحالى.
وامام الرئيس مبارك يقف الشعب المصرى في موقف تاريخى اخترق حاجز الخوف واسقط الرهبة من سطوة ارهاب الدولة. لقد اظهر الشعب المصرى عنادا واضحا لا يقل بل ربما يفوق عناد الرئيس الذي وقف يوم الجمعة 25 يناير امام قمة جبروت وسطوة نظام الرئيس مبارك المتمثل في امن الدولة وقوات مكافحة الشغب والأمن المركزي ومليشيات الداخلية ونجح الشعب ان يرسل واحدة من اكبر رسائله لمبارك وهو ان اكبر مؤسستين كان الرئيس مبارك يعمل على تقويتها طوال 30 عام وهما الداخلية والحزب الوطنى وعمل بالمقابل على اضعاف كافة المؤسسات الأخرى بما فيها الجيش نفسه والقضاء والأحزاب والنقابات وغيرها من منظمات المجتمع المدنى في مصر لصالحهما قد انهارا.
حاول الرئيس بعد ذلك ايام الأربعاء والخميس بعد المظاهرة المليونية ان يستغل عرضه بالرحيل في سبتمبر وانه يريد ان يدفن في وطنه والتى تشبه اعلان الرئيس الراحل عبد الناصر التنحى عن الرئاسة عام 1976 والتى اعقبها خروج مظاهرات تطالبه بالبقاء. أراد الرئيس مبارك استخدام هذا الخطاب ليقوم بمحاولته الثانية غير التقليديه لإجهاض ثورة الشعب بإستخدام ذات القوات الأمنية التى انسحبت يوم 25 بالإضافة الى بلطجية نواب الحزب الوطنى ورجال الأعمال وظن انها كافية لإنهاء الثورة. ولكن عناد الشعب وقف بكل صلابة امام هذه المحاولة ايضا في واحدة من احقر محاولات النظام للإرهاب شعبه وانهاء الثورة. وربما يوضح هذا اليوم قدرة شباب الثورة على العناد والتشبث بموقفهم الحالى.
ربما احبط البعض عندما انتهى يوم جمعة الرحيل ولم يرحل الرئيس- وهو ما كنت أتوقعه بالفعل ويتوقعه الكير من المراقبين- ولكن الحقيقة ان يوم الجمعة نجح ايضا ان يرسل رسالة اخرى من الشعب الى النظام وهو ان حملة الإرهاب التى شنها يومى الأربعاء والخميس رغم انها استمرت ايضا يوم الجمعة ومع ذلك فشلت في اخافة الشعب والمتعاطفين مع المتظاهرين.
يراهن مبارك على ان الشعب ستخور عزيمته ويرجعوا لبيوتهم ولكنه ينسى أن قلب الثورة شباب والشباب في الغالب يتسم بالعناد والقدرة على التجديد والإبتكار. وربما مع مرور الوقت تكتسب هذه الثورة زخما اكثر بعد ان يقتنع المزيد من الشعب امام اخطاء النظام المتلاحقة واصرار الرئيس على تحدى ارادة شعبه على ان رحيل الرئيس هو الأقرب للتصور وليس عودة شباب الثورة لبيوتهم. فهل ينتصر عناد الرئيس على عناد شعبه ويتغلب على رغبتهم فى رؤية رئيس جديد غير الذي حكمهم طوال الـ 30 عاما الماضية.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)